يا ليل لا تعتب علي إذا رحلت مع النهار |
فالنورس الحيران عاد لأرضه.. ما عاد يهفو للبحار |
وأنامل الأيام يحنو نبضها |
حتى دموع الأمس من فرحي.. تغار |
وفمي تعانقه ابتسامات هجرن العمر حتى إنني |
ما كنت أحسبها.. تحن إلى المزار |
فالضوء لاح على ظلال العمر فانبثق النهار |
* * * |
يا ليل لا تعتب علي |
فلقد نزفت رحيق عمري في يديك |
وشعرت بالألم العميق يهزني في راحتيك |
وشعرت أني طالما ألقيت أحزاني عليك |
الآن أرحل عنك في أمل.. جديد |
كم عاشت الآمال ترقص في خيالي.. من بعيد |
و قضيت عمري كالصغير |
يشتاق عيدا.. أي عيد |
حتى رأيت القلب ينبض من جديد |
لو كنت تعلم أنها مثل النهار |
يوما ستلقاها معي.. |
سترى بأني لم أخنك و إنما |
قلبي يحن.. إلى النهار |
* * * |
يا ليل لا تعتب علي.. |
قد كنت تعرف كم تعذبني خيالاتي |
وتضحك.. في غباء |
كم قلت لي إن الخيال جريمة الشعراء |
و ظننت يوما أننا سنظل دوما.. أصدقاء |
أنا زهرة عبث التراب بعطرها
|
ورحيق عمري تاه مثلك في الفضاء |
يا ليل لا تعتب علي |
أتراك تعرف لوعة الأشواق؟ |
و تنهد الليل الحزين و قال في ألم: |
أنا يا صديقي أول العشاق |
فلقد منحت الشمس عمري كله |
وغرست حب الشمس في أعماقي |
الشمس خانتني وراحت للقمر |
و رأيتها يوما تحدق في الغروب إليه تحلم بالسهر |
قالت: عشقت البدر لا تعتب |
على من خان يوما أو هجر |
فالحب معجزة القدر |
لا ندري كيف يجئ.. أو يمضي كحلم.. منتظر |
فتركتها و جعلت عمري واحة |
يرتاح فيها الحائرون من البشر |
العمر يوم ثم نرحل بعده |
ونظل يرهقنا المسير |
دعني أعيش ولو ليوم واحد |
وأحب كالطفل.. الصغير |
دعني أحس بأن عمري |
مثل كل الناس يمضي.. كالغدير |
دعني أحدق في عيون الفجر |
يحملني.. إلى صبح منير |
فلقد سئمت الحزن و الألم المرير |
* * * |
الآن لا تغضب إذا جاء الرحيل |
و أترك رفاقك يعشقون الضوء في ظل النخيل |
دع أغنيات الحب تملأ كل بيت
|
في ربى الأمل الظليل |
لو كان قلبك مثل قلبي في الهوى |
ما كان بعد الشمس عنك و زهدها |
يغتال حبك.. للأصيل |
* * * |
يا ليل إن عاد الصحاب ليسألوا عني.. هنا |
قل للصحاب بأنني |
أصبحت أدرك.. من أنا |
أنا لحظة سأعيشها |
و أحس فيها من أنا؟! |